فقدت سوريا 20.4% من الغطاء الشجري في الفترة بين عامي 2012 و2019 (باكس، 2020)، وقد تأثرت محافظتا اللاذقية وإدلب بقدر كبير من هذه الخسارة، التي بلغت في اللاذقية 10% وفي إدلب 27% من مساحة الغطاء الشجري بين عامي 2011 و2014 (أو ما يعادل 89% من إجمالي الفاقد في الغطاء الشجري في سوريا). وقد ارتبط نضوب الغطاء الحَرَجي بمجموعة من العوامل الاجتماعية والاقتصادية المختلفة المرتبطة بالصراع، منها حرائق الغابات المتكررة، وقطع الأشجار بصورة غير قانونية، والتوسع الزراعي، وإنتاج الفحم النباتي، وضعف مؤسسات الدولة في إدارة الموارد الطبيعية والتنمية البيئية (محمد، 2021).
تعتبر حرائق الغابات من الأسباب الرئيسية لاجتثاث الغابات، وقد ازداد تواتر اندلاعها وشدتها بشكل كبير خلال سنوات الصراع في سوريا. ففي عام 2020 وحده تسببت الحرائق في القضاء على ما يزيد عن 9 آلاف هكتار من الأراضي الزراعية والغابات، مما ألحق الضرر بنحو 140 ألف إنسان، من خلال تدمير بيوتهم وممتلكاتهم وتخريبها، فضلاً عن فقدان إمدادات الطاقة والمياه وقلة فرص الحصول على الخدمات مثل العلاج في المستشفيات (مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، 2020). من الجدير بالذكر أن أحد الأسباب الرئيسية وراء اندلاع هذه الحرائق هي حملات القصف التي شنتها مختلف أطراف الصراع التي تتحصن في الغابات الكثيفة وتتخذها درعاً للحماية والتخفّي عن الطائرات المسيَّرة والطائرات القتالية.
من الأسباب الأخرى، المتعلقة بالصراعات، لاجتثاث الغابات هو ذلك الاعتماد الكبير للسكان على الأشجار من أجل الحصول على التدفئة والمأوى. في العام 2013، تعرضت 40٪ من خطوط الكهرباء في البلاد للهجوم، وتعطلت 30 محطة، فصارت الأشجار ضرورية للتدفئة والحصول على الكهرباء. لنأخذ بعض الأمثلة على مناطق تعرضت لعمليات قطع أشجار بإفراط: فقد قُطعَت 7 آلاف شجرة في تل كلخ وفي الهامة، بما في ذلك محمية البلعاس حيث فُقِدت مئات الأشجار التي تصل أعمارها إلى قرون؛ وقُطعَت 7500 شجرة في الحسكة، معظمها من محمية جبل عبد العزيز؛ فيما أُزيلت غابات بأكملها في محمية جباتا بمحافظة القنيطرة، ويُقدَّر عدد أشجارها بحوالي 100 إلى 300 شجرة؛ بينما قُطعَت 100 شجرة صنوبر حجري في الشحار، جنوب جباتا (الحلبي، 2014). تضر عملية اجتثاث الغابات بالاقتصاد، وتؤدي إلى تدمير المحميات الطبيعية، كما حدث في محمية الضمنة جنوبي سوريا. من بين تلك الخسائر أشجار معمّرة وموسمية كأشجار البلوط والبطم الأطلسي وأشجار التوت وشجيرات توت العليق وأشجار الصنوبر البري وكرز المحلب، ومئات الأنواع من النباتات الطبيعية، كالبابونج والقُرّاص والزعتر البري، وهي نباتات ضرورية للصناعات الدوائية، إضافة إلى أعشاب عطرية نادرة مثل اللافندر والكزبرة والفِطر (وكالة نورث برس، 2020). وبين شهرَي تشرين الأول/أكتوبر وكانون الأول/ديسمبر 2016، دُمّرت أكثر من 251 ألف شجرة فاكهة في حرائق غابات اندلعت [بمحافظة اللاذقية] في مناطق الحَفّة وجبلة والقرداحة واللاذقية المركز، الأمر الذي أدى إلى تدمير سبل العيش وعرَّض الأمن الغذائي لكثير من العائلات للخطر.
اجتثاث الغابات وحرائقها، والأعطال التي تعرضت لها نظم الري، إضافة إلى التغيّر المناخي والعجز عن الوصول إلى المزارع للاعتناء بالأشجار – كل ذلك أدى إلى انخفاض ملحوظ في إنتاج البلاد من زيت الزيتون. قبل نشوب الصراع، كانت سوريا من كبار منتجي زيت الزيتون في المنطقة، مع وجود أكثر من 79 مليون شجرة زيتون تُنتِج تقريباً ما يصل إلى 1.1 مليون طن من الزيتون: يُستهلَك منها 250 ألف طنّ في صورة خام، ويدخل 850 ألف طن في إنتاج الزيت فيُستخرَج منها 200 ألف طن من زيت الزيتون (منظمة الأغذية والزراعة العالمية، 2018). ومع إسهام واضح في الناتج المحلي الإجمالي، يتراوح بين 1.5 إلى 3.5٪ قبل اندلاع الحرب، مثّلت زراعة الزيتون قطاعاً اقتصاديّاً بارزاً في سوريا، ووفرت وظائف لحوالي 337 ألف أسرة في 2003. ففي اللاذقية، على سبيل المثال، كانت هناك 57 ألف أسرة تعيش على زراعة 45900 فدان من الزيتون، فيما كانت هناك 44700 أسرة تنتفع بزراعة 43500 فدان من الحمضيات (وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية، 2019). علاوة على ذلك، مثل زيت الزيتون نسبة 3٪ من الصادرات السورية غير النفطية، واعتمد حوالي 10٪ من السكان، جزئياً أو كلياً، على قطاع الزيتون مصدراً للدخل، سواء من خلال زراعة الزيتون أو حصاده أو إنتاجه أو بيعه (محمد، 2017أ؛ وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي السورية، 2019). وفي مرحلة ما من الصراع انخفضت الصادرات الرسمية من زيت الزيتون إلى أقل من 20 ألف طن (المكتب المركزي للإحصاء، 2019). وقد ارتفعت التقديرات إلى 32 ألف طن و30 ألف طن في موسمَي 2016-2017 و2017-2018 على التوالي – وهي زيادة تُعزَى إلى تراجع الأعمال القتالية وقيام حكومة الأسد بإعادة استصلاح غابات الزيتون (داوسون، 2019)، ولكن ما تزال في مستويات بعيدة كل البعد عما كانت عليه قبل الصراع. أسهم قيام جماعات المعارضة المدعومة من قِبَل تركيا، في آذار/مارس 2018، بإزالة نصف مليون شجرة زيتون على الأقل في عفرين -وهي مدينة تقع شمال غربي سوريا وبها 18 مليون شجرة زيتون- في انخفاض إنتاج زيت الزيتون.
نضوب المياه
قبل اندلاع الحرب، كانت موارد المياه في سوريا بالفعل تحت ضغوط نتيجة محدودية الاحتياطي الطبيعي ومعدل النمو السكاني المرتفع في البلاد (مولر وآخرون، 2016). بدأ نضوب المياه الجوفية في بدايات عقد الثمانينيات من القرن الماضي وساء الأمر مع التوسع في الزراعة المعتمدة على الريّ [لا الأمطار]. إضافة إلى هذا، لعب التغيّر المناخي دوراً بارزاً في تفاقُم الجفاف وإحداث أضرار جسيمة بالموارد الزراعية. خلال الصراع الدائر، مثّل النزوح في الداخل والهجرة إلى المناطق الحضرية ضغوطاً هائلة على المياه الصالحة للشرب، وخصوصاً في ضواحي المدن (أحمد، 2015)، فأضحَت مياه الشرب متاحة لمدة لا تزيد على أربع ساعات يومياً. وإضافة إلى عدم كفاية إمدادات المياه، تضيف مشكلاتٌ أخرى، من قبيل تلوث موارد المياه وعدم كفاية المرافق الصحية اللازمة لمعالجتها، تكلفةً عالية تتمثل في الأمراض المنقولة من خلال المياه والوفيات الناتجة عن ذلك.
سوء إدارة النفايات
عانت سوريا بالفعل، في فترة ما قبل نشوب هذا الصراع الدائر، من مشكلة تتعلق بالنفايات الخطرة، نتيجة الافتقار إلى نظم ولوائح مناسبة لإدارة النفايات. أدّى سوء الإدارة على المدى الطويل للنفايات الخطرة -وفي المقام الأول النفايات الصناعية والطبية (80٪ منها معدٍ، و15٪ كيماوية، و5٪ مشعّة)- إلى توليد مستوى عالٍ من الديوكسين وغيره من الغازات الأخرى، وإلى زيادة تلوث الهواء، وخصوصاً في حلب ودمشق، وجلب هذا الأمر معه مخاطر صحية جسيمة مرتبطة بالنفايات الخطرة.
ومع الإغلاق التام لخدمات إدارة النفايات التي تديرها الحكومة، أحدثت الحرب مشكلة كارثية فيما يتعلق بالتخلص من النفايات، وأسهمت في إنتاج المزيد من النفايات الخطرة عبر عمليات حرق النفايات وإلقائها بدون ضوابط أو رقابة. وقد أدى تدمير المصانع المختلفة والمستشفيات والمدن إلى انبعاث مستويات عالية من السموم في الهواء، وإلى تسرّب كميات من المواد الكيماوية إلى التربة ومنابع المياه الجوفية. ومع أن مستويات التخلص من النفايات في سوريا لا يمكن قياسها بدقة في الوقت الحالي، يُقدَّر أن النفايات الصلبة تصل إلى 850 طن يومياً، وهي ضعف الكمية التي كانت قبل الحرب. تجتذب تلك النفاياتُ البلدية والمنزلية غير المجمعة القوارضَ والحشرات التي تحمل وتنقل الأمراض المعدية، الأمر الذي يعرّض الأطفال وجامعي القمامة للخطر (بتول ونوفوتني، 2018)، ويؤدي أيضاً إلى تلويث التربة والمياه، ويجلب مخاطر صحية وتكاليف اقتصادية، وخصوصاً على قطاعَي الزراعة والصيد.
انحسار الغطاء النباتي، وتآكل التربة، وانعدام الأمن الغذائي
تسبّبت سنوات الجفاف الطويلة التي شهدتها البلاد بين عامَي 2006 و2010 في جدب التربة وتدهورها وانحسار الغطاء النباتي؛ وهي مشكلات تفاقَمَت مع اندلاع الحرب، وتمثّل تهديداً لإنتاجية الأراضي والتنوع الحيوي والإنتاج الزراعي في فترة ما بعد الحرب. وقد أدى القصف المتواصل إلى خلخلة التربة، مما سهّل انتقالها عبر الرياح والمياه وزاد من فرص حدوث العواصف الترابية. تسارعت أيضاً وتيرة تآكل التربة نتيجة التغيرات المقلقة في الغطاء النباتي؛ وذلك لزيادة الطلب على الموارد الطبيعية والتوسع الحضري خلال الصراع بسبب حركة وتنقلات السكان (عبده، 2018). فأكثر من 85٪ من الأراضي الزراعية في سورية عرضة لتآكل التربة، وقد انخفض استخدام الأراضي الصالحة للزراعة بنسبة 21٪ بين عامَي 2010 و2014 (محمد وآخرون، 2020).
أدى الاستغلال الكثيف للأراضي الهشة، وخصوصاً في منطقة زراعة المحاصيل الأساسية التي كانت أيضاً مسرحاً للأعمال القتالية العنيفة -الممتدة على طول الساحل الغربي وشرقاً على طول الحدود الشمالية مع تركيا (مركز كارنيغي، 2015)- إلى مزيد من التدهور. وإلى جانب تلوث الأراضي والتربة بالذخائر الحربية، فإن هذا التدهور يؤدي إلى تفاقُم عملية تآكل التربة، الأمر الذي يؤدي إلى خسائر في الإنتاج الزراعي في تلك المناطق. لم يؤدِّ تآكل التربة إلى فقدان الأراضي الخصبة فحسب، بل أدى أيضاً إلى زيادة الرواسب والتلوث في الأنهار والمصارف. نتيجة لهذا تراجع الإنتاج السمكي بنسبة 63٪.
وفقاً لتقارير منظمة الأغذية والزراعة العالمية، التابعة لهيئة الأمم المتحدة، عانى قطاع الزراعة السوري من خسائر قيمتها 16 مليار دولار بين عامَي 2011 و2016 -أي ما يعادل انخفاضاً بنسبة 41٪ في الناتج المحلي الإجمالي من المنتجات الزراعية- نتيجة الفاقد في الإنتاج ونتيجة التلفيات وتدمير البنية التحتية والأصول (كالأضرار اللاحقة بنظم الري، والنقص في المدخلات مثل الأسمدة والوقود والبذور) (منظمة الأغذية والزراعة العالمية، 2019). فقد أدت الحرب إلى انخفاض الأراضي المزروعة بنسبة 30٪ في المتوسط، والأراضي المروية بنسبة 50٪. وانخفض إنتاج القمح إلى النصف، مقارنة بتقديرات فترة ما قبل نشوب الصراع؛ فبعد أربع سنوات من اندلاعه أصبحت البلاد مستورداً صافياً للقمح. وفي حين أن قطاع الزراعة السوري ما يزال يوفر 50٪ من الإمدادات الغذائية للبلاد، وفقاً لإحصاءات في 2016، إلا أن هذا يعدّ تراجعاً بنسبة 40٪ عن مستويات ما قبل الصراع. إضافة إلى ذلك، فقد أدى كلٌّ من ارتفاع أسعار الوقود (إن كان متاحاً أصلاً) -وخصوصاً في حلب وإدلب- وارتفاع تكاليف البذور التي كانت مدعومة في الماضي، والرسوم المفروضة على المواشي، ونقص العاملين المتخصصين، وارتفاع تكاليف العمالة ونقص الأيدي العاملة، إضافة إلى الاقتصادات المجزّأة، وانقطاع سلاسل الإمداد والتوريد، كل ذلك أدى إلى ارتفاع أسعار الأغذية، الأمر الذي جعل ما يقرب من نصف السكان في 2016 غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الغذائية. في الوقت الحالي يُقدَّر أن 60٪ من السكان يعانون حالة من انعدام الأمن الغذائي. فقد تراجعت الإنتاجية الزراعية بشكل حاد، الأمر الذي دفع الناس إلى حافة الفقر واضطرهم إلى تحويل زراعتهم إلى محاصيل استهلاكها للموارد أقل. ولقد قدّرَت منظمةُ الأغذية والزراعة العالمية التكلفةَ المبدئية لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة تأهيله بما يتراوح بين 11 إلى 17 مليار دولار. سيؤدي هذا التأثير الهائل على قطاع الزراعة إلى زيادة الفجوة التنموية بين المناطق الريفية والحضرية.
من المرجّح أن يتسبب استخدام الأسلحة الكيماوية والمتفجرات -التي تحتوي على عناصر من المعادن الثقيلة والوقود والمذيبات والمواد النشطة التي أدت إلى تلوث المياه الجوفية والتربة- في مشاكل بيئية خطيرة لمستقبل قطاع الزراعة في سوريا، الأمر الذي سيؤثر على الاقتصاد الذي لطالما اعتمد على الإنتاج الزراعي لسنوات، وسيؤدي أيضاً إلى تفاقُم أشكال أخرى من التداعيات البيئية المستقبلية، كالجفاف والعواصف الرملية وانخفاض نسبة هطول الأمطار. سيكون لهذا التأثير على القطاع الزراعي، إلى جانب تلوث التربة والمياه، عواقب وخيمة على مستقبل الإمدادات الغذائية في سوريا؛ وبالتالي ستتفاقم المشكلة وسيزداد الاعتماد على الاستيراد، مما يؤدي إلى تدهور الموقف الاقتصادي لأجيال المستقبل.
خطة إعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الصراع
لا تزال الحرب مستمرة في سوريا، إضافة إلى أن السيناريوهات المحتملة المختلفة وضلوع أطراف متعددة في الصراع تجعل من الصعب وضع خطط استدامة دقيقة. لكن الخطوات التالية ستكون لازمة لوضع أيّ خطة إعادة إعمار مستدامة.
- إجراء تقييم أفضل لِآثار الصراع البيئية
ثمة الكثير الذي لا نعرفه عن الآثار التي خلفتها الحرب على البيئة غير المتمحورة حول الإنسان. وسيكون هناك عواقب طويلة الأجل للاستخدام الكثيف للمتفجرات والأسلحة الكيميائية على البيئات الحضرية وغير الحضرية في سوريا وخارجها، وهو ما سيؤدي إلى زيادة المخاطر الصحية والفقر في المنطقة. لهذا يمكن أن يبدأ التقييم بإجراء مسحٍ لِآثار الصراع على البيئة بقدرٍ أكبر من الدقة، وتحليل مواقع البؤر البيئية الخطرة وتحديد حالتها، ووضع تدابير طوارئ لمعالجة النفايات الخطيرة، والإلمام بالتهديدات البيئية المحتملة على صعيد المجتمعات المحلية. ولا بد أن يركز هذا التقييم على اللامساواة الاجتماعية والاقتصادية لأنها تتداخل مع الضرر البيئي وتفاقم من حدته.
من الممكن جمع هذه المعلومات من خلال مصادر بيانات متنوعة، بما في ذلك الأبحاث المدنية التي تجريها جهات فاعلة محلية وهي طريقة مبتكرة لجمع وتبادل المعلومات حول الضرر البيئي، ويمكن تنسيق هذه المهمة من قبل برنامج يونوسات أو الاستخبارات المُستخلصة من المصادر المفتوحة أو فروع المنظمات الإنسانية من قبيل مبادرة ريتش (REACH) ووحدة البيئة المشتركة التابعة لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
- الزراعة المستدامة
يشكل التحدي الذي تطرحه حوافز الإنتاج وكذلك المشاكل المرتبطة بالري والزراعة المتكيفة مع تقلبات المناخ العوامل الرئيسية اللازمة لإنعاش القطاع الزراعي. وبينما لا يزال الري عاملاً بالغ الأهمية لأغلب الأسر الريفية، ينبغي اعتماد بعض الممارسات الحديثة للحيلولة دون تلوث واستنزاف مستودعات المياه الجوفية. يشتمل ذلك على ما يلي:
- إصلاح قنوات الري المتضررة في المناطق التي شهدت عمليات عسكرية واسعة وتحسين أداء أنظمة الري.
- إصلاح الهياكل الأساسية الضرورية من أجل تخزين المحاصيل والمستلزمات بطريقة آمنة.
- توفير اختبارات فحص التربة المنقولة خاصة في المناطق المستهدفة.
- تطويع أساليب اختيار المحاصيل المناسبة للحفاظ على الربحية الاقتصادية، من خلال تجنب المحاصيل التي تحتاج إلى الري الغزير والتوجه نحو المحاصيل المقاومة للجفاف والأكثر توفيراَ للمياه.
- قد يسهل دعم استخدام أصناف البقوليات والقمح المحلية، المناسبة للمناخ في سوريا والمقاومة للجفاف والأمراض، الأمر على المزارعين الذين، خلافاً لذلك، ربما لا يمكنهم زراعة أصناف جديدة.
- تدريب المزارعين، حتى الذين يتمتعون بعشرات السنوات من الخبرة، على الابتكارات الجديدة والتطورات التكنولوجية.
- تطبيق أساليب الزراعة المحافظة على الموارد لتقليل الاحتياجات المائية وتوفير الأسمدة، بما في ذلك اتباع النُهج المراعية للبيئة الطبيعية.
- المساعدة في تنمية المشروعات الخاصة من خلال إتاحة إمكانية الحصول على الموارد الزراعية، مثل تقديم القروض ودعم عملية التسويق، وهو ما سيسهم في زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الأمن الغذائي.
- مبادئ الإعمار الأخضر
ينبغي على المتعهدين استغلال فرصة إعادة إعمار سوريا لاعتماد قيم ومبادئ الاستدامة. تساعد العمارة المستدامة القائمين على التخطيط في الحد من استخدام لوازم البناء الحديثة، وتجعلهم أكثر وعياً عند استخدام مواد البناء الحالية، وتمكنهم من إعادة تدوير مواد البناء من المباني التي تعرضت للدمار. ربما يكون أحد الخيارات الجيدة هو تطبيق القواعد التنظيمية والمعايير الخاصة بالمباني الخضراء مثل قوانين "كفاءة استخدام الطاقة في المباني" الصادر عن "مختبر علم طبقات الجليد والجيوفيزياء البيئية"، وهو مشروع عالمي يموله صندوق البيئة العالمي ويشرف على تطبيقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ويهدف إلى الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون من خلال تطبيق تنظيمات البناء الحرارية وقوانين كفاءة استخدام الطاقة في المباني عند تنفيذ مشاريع بناء جديدة. كان من المقرر تطبيق هذا المشروع في سوريا لكنه أُلغي في 2013.
قد يكون استخدام مواد البناء المعاد تدويرها بدلاً من المواد الجديدة من الوسائل الفعالة الأخرى التي تسهم في توفير الموارد الطبيعية وتقليل كميات الطاقة المتاحة، إضافة إلى تحقيق فوائد اقتصادية حقيقية (كيرنين، 2002). تبين أيضاً أن إعادة استخدام الأنقاض يعد وسيلة مفيدة للحد من التلوث المتصل بالهدم والتخلص من النفايات (منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو"، 2005).
يمكن المحافظة على مواد البناء المسترجعة (كالصخور والأخشاب والمعادن) وفرزها وإعادة إستخدامها في ترميم المباني القائمة وتشييد وحدات ومباني جديدة، بما في ذلك بناء المنشآت الخاصة بنظام طاقة شمسية جديد، وتعزيز استمرارية عملية إعادة الإعمار، والحفاظ على الطابع المعماري السوري. ويمكن إعادة تدوير مواد الخردة، التي يتعذر إعادة استخدامها في حالتها الأصلية، واستخدامها في المباني الجديدة. اتباع هذه الأساليب، عوضاً عن استخدام مواد جديدة، لا يحمي الموارد الأرضية فحسب، بل قد يساهم أيضاً في خفض تكلفة إعمار المواقع المدمرة بنسبة تبلغ حوالي 40-50%.
- الطاقة الشمسية
من السهل التشكيك في إمكانية زيادة اعتماد سوريا على الطاقة الشمسية في ضوء اهتمام العديد من الأطراف الفاعلة الدولية بعملية إعادة إعمار سوريا. بيد أن إعادة الإعمار تتطلب توافر الطاقة، وكما توضح حالات العراق واليمن وأفغانستان، قد يكون من المكلف توليد الكهرباء باستخدام النفط والغاز الطبيعي بسبب التهديدات الأمنية والشواغل المرتبطة بِإعادة تطوير مرافق توليد الطاقة المركزية وشبكات التوزيع واسعة النطاق في ظل وجود الجماعات المسلحة. قد تساعد ألواح الطاقة الشمسية في خفض بعض تلك المخاوف الأمنية في سوريا.
لذا من الضروري للغاية إعادة النظر في الأولويات الصناعية والتحوّل إلى نوعٍ من الطاقة المتجددة. يمكن البدء في دعم توسيع نطاق استخدام الطاقة النظيفة، مثل الطاقة الشمسية، من خلال ما يلي:
- الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية (التي يمكن استخدامها كوقود) في المدارس والملاجئ الجماعية والمنشآت العامة.
- وضع مصفوفات شمسية كبيرة في مدن مثل حلب باعتبارها إحدى أفضل الطرق لإعادة التيار الكهربائي في تلك المدن، مما يعطي قدراً من المرونة لشبكات الكهرباء التي دمرتها الحرب.
- إصلاح خطوط وشبكات ومحطات الإمداد الكهربائي، مع إجراء إصلاح عاجل لمحطات الطاقة الحرارية والكهرومائية.
- إعادة تدوير الخردة المعدنية
يمكن أن تبيع سوريا المخلفات المعدنية بما في ذلك العتاد العسكري وإعادة تدويرها، وهو ما يقلل تكاليف التخلص منها ويسهم في زيادة الإيرادات (كما هو الحال في أفغانستان). يُعدّ الألومنيوم والصُّلب من مواد الطاقة التي تحتوي على الطاقة اللازمة لمعالجتها، مثل تكرير خام الحديد وتسخين وتشكيل (أو سبك) المنتجات ونقل المواد الثقيلة نسبياً. تتطلب عملية إعادة استخدام أو إنتاج العناصر الجديدة كميات أقل من الطاقة والحد الأدنى من المعالجة لإنجاز العملية، وهو ما يجعل المعدن المعاد تدويره مادة ذات عمر افتراضي طويل لا تحتاج إلى الاستبدال والصيانة باستمرار (أمريكاس، 2016).