مرحبا فلينة،
كلما قرأتُ لكِ قصة كُتبَتْ قبل سنوات،
كلما تأكّدَ لي أنه فاتني الكثير من إبداعاتكِ.
كم أنتِ رائعة يا فلينة !
***
قصتكِ هذه المرة عميقة ومؤثرة،
تعكس مشاعر الأبوة والأمومة بكل ما فيها من حب وتضحية وتحديات،
وأحيانا غفلة عن بعض التفاصيل التي قد تؤثر على الأطفال دون أن نشعر.
في البداية، كان الأب متعلّقا بطفلته الأولى التي كانت مصدر بهجته بعد يوم شاق،
لكن مع مرور الزمن، بدأ يلاحظ تغيرات في سلوكها عندما ارتبطتْ فرحتها بما يُحضره لها، وليس فقط بقدومه.
وهنا يظهر البُعد النفسي العميق في تطور مشاعر الأطفال وتوقعاتهم من الآباء.
ثم جاءت مرحلة دخولها الروضة وما فيها من صعوبات،
ثم حدث التحوّل الكبير بقدوم الأخ الجديد إبراهيم،
والذي أخذ اهتمام الأب بسبب مرضه،
مما جعل الطفلة تشعر بالغيرة والإهمال.
هذا الصراع النفسي طبيعي بين الإخوة،
لكنه كان يحتاج إلى إدارة أذكى منذ البداية، وهو ما نبّهته له زوجته بحكمة.
الموقف المؤلم كان عندما صرّحت الطفلة بكرهها لأخيها وتمنّت موته !
هذه لحظة صادمة، لكنها كشفت للأب أنه بالفعل لم يكن منصفا في مشاعره وسلوكياته،
وهنا اللحظة المفصلية في القصة، حيث استدرك الأب خطأه
وبدأ يُصلح علاقته بابنته، وأعاد إليها الشعور بالحب والأمان.
الدرس العميق هنا أن الأطفال ليسوا مجرد متلقين للحب،
بل هم يشعرون ويدركون التفاوت في المعاملة حتى لو لم يكن مقصودا.
وأن العدل في الحب والاهتمام بين الأبناء ليس خيارا،
بل ضرورة للحفاظ على توازن الأسرة نفسيا وعاطفيا.
ويبقى أجمل ما في القصة تلك العلاقة الدافئة بين الأب وزوجته، والتي كانت صمّام الأمان في كل المواقف،
إذ أنها لم تكن تعاتبه فقط، بل كانت ترشده بلطف لما هو أفضل.
شدّتني أيضا شخصية سارة الطفلة الذكية والعفوية،
التي اختارت اسم أخيها ببراءة، وتأثرت بتوجيهات والديها،
لكنها في نفس الوقت كانت تحمل مشاعر دفينة من الغيرة والحزن حتى عبّرت عنها بوضوح.
وأعجبتني أكثر تلك النهاية السعيدة التي جمعت العائلة في لحظة فرح صادقة،
وكأنها رسالة بأن الحب والتفاهم هما الأساس الذي يمكن أن يعالج أي خلافات أو مشاعر سلبية داخل الأسرة.
باختصار، القصة رائعة بأحداثها الطبيعية، وحواراتها العميقة والواقعية.
لأنها تلامس قلوب الآباء والأمهات ولأنها تعكس واقعا قد يمر به الكثيرون دون أن ينتبهوا إليه،
ويبقى الحل دائما في الاعتراف والتصحيح والتوازن في الحب بين الأبناء.
***
في الختام،
تحية تقدير وإعجاب بحروفكِ التي تنبض بالدفء والعمق الإنساني،
لقد نسجتِ لنا قصة تحمل بين طياتها مشاعر الأبوة، وتقلبات الطفولة،
وصراعات النفس، بأسلوب سلس وعفوي يأسر القارئ من أول سطر إلى آخر لحظة.
حواركِ العفوي وأسلوبكِ السلس جعلا الـمَشاهد تنبض بالحياة،
وكأننا نعيش تفاصيلها مع الشخصيات، نشعر بفرحة اللقاء، ونكاد نلمس ألم الإهمال غير المقصود،
ثم نرتاح مع النهاية الدافئة التي تعيد للحب مكانه الطبيعي في القلوب.
لا يسعني إلا أن أشكركِ فلينة على هذه اللوحة الأدبية الرائعة
التي تحمل في طياتها درسا عميقا في التربية والمشاعر الإنسانية،
وزاد فضولي وشوقي أكثر لأن أقرأ لكِ المزيد من القصص
التي تلامس القلوب والعقول بذات التميز والإبداع.
دام إبداعكِ وتألّقكِ.
أبو فارس
🌹