كان يتأمل في أيقونات سطح المكتب, ملفاته الصفراء متناثرة هنا وهناك... " كم هو معقد عالمنا اليوم " يحدث نفسه, لكن الأخيرة لا تجيبه, فلازالت منكسرة الخواطر وهشة الأحاسيس, كأن دموعها قد احتبست وجفت منابيعها, أما هو فلم يعد يريد التكلم عن ذلك الموضوع, عن تلك الصور الجميلة لحبيب الصغر...
يجر ملفاته إلى جهة اليسار, ويترك واحد في الأعلى, هناك سرداب أحلامه وخواطره, قضت عليها التكنولوجيا, وتُرك القلم والورقة, وتمادى في التنقل على لوحة المفاتيح, قبل أن تقوده إلى محادثات عابرة, طويلة وجافة, والروتين المتكرر لنغمة المسنجر قد اعتادت أذناه عليها...
عبارات كثيرة تكتب في نافذة الدردشة, صور حزينة بالأبيض والأسود ودموع تنسكب, ورود صغيرة, وحمراء اللون كانت كتابات الكثيرين منهم...
ذلك لم يغيره, ولم تقوى أصابعه على إتلاف ذلك الخيط الحريري الذي لازال يربطه بالماضي وسط ألوان الحاضر الكثيرة بين ظلمة المستقبل الحالكة...
هو الآن مختلف, لكن قبل سنوات كان قد أضاع قلبه في علب الدردشة, في ردود المنتديات, وفي التعاليق على المواقع...
ينقر على ملفه الأصفر, يكرر نفس السيناريو كل يوم, يقرأ ما كان قد خطه بالأمس القريب؛ قصص قصيرة؛ وأشعار جمعت أحلامه الصغيرة, بقايا عشق سرمدي...
وأخيرا قرر العودة إلى طقوسه القديمة بالأبيض والأزرق, بياض الورقة وزرقة الحبر, بعد أن ينزوي في ركن غرفة, فيقطع الصلة بالحاضر, ويرحل بنفسه عاشقا إلى غياهب ما مضى من الصغر, هناك يلعب مع حبيبه بالكلمات, لا بالأيقونات.
.
. بقلمي
