كيف تختار تخصصك الجامعي؟ وداعا للحيرة، باذن الله تعالى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسعد الله اوقاتكم بكل خير
اخي الطالب / أختي الطالبة
أعلم جيدا أن كل منا يقف في لحظة ما من حياته، ويفكر: ماذا أريد أن أكون؟
ولذلك، أهدي هذه المقالة الى كل طالب/طالبة
حائر وكل شاب/شابة
يفكر في التخطيط لمستقبله راجين من الله أن تستفيدوا منه. بالتأكيد، المستقبل بيدي الله، وعلينا أن نقبل بما يقسمه لنا، لكن ذلك لا يعني أن نترك الامور على علتها دون السعي الى تخطيطها وتطويرأنفسنا.
كيف تختار تخصصك الجامعي؟
للدكتور ياسر بكار
لمساعدة الطلاب على اختيار تخصصهم الجامعي
(ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر يا..) كم تكرر على مسامعنا هذا السؤال عندماكنا صغاراً. كنا نشعر بالنشوة والفرح عندما نسمعه.. ربما لأنه يُشعرنا بأننا نكبر،وربما لأنه يعطي خيالنا كل الحرية للتمني والاختيار. ومرت الأيام والسنون حتى أصبح هذا السؤال موضوعاً جاداً ينتظر قراراً عاجلاً سيرسم ملامح حياتنا كلها.
لقدقضيت ردحاً من الزمن أراقب الطريقة التي يختار بها طلابنا تخصصاتهم الجامعية التي ستحدد مسار مهنتهم وطبيعة حياتهم. ومن هذه الطرق مثلاً المعدل في المرحلة الثانويةحيث يتركون له حرية اتخاذ القرار ويسلمون له القياد..! ومنها قدرتهم على الحفظ فمن يحفظ يدرس الطب او التخصصات الأدبية ومن لا يتقن الحفظ يدرس الهندسة! ومنها ومنها.. طرق كثيرة لكن تفتقر في معظمها إلى الاختيار الحقيقي الذي يناسب الشخص بعينه.
الأمر لا يتوقف على ذلك فحسب بل يزداد تعقيداً عندما ترى تدخلات الآباء والأخوةوحتى ابناء الجيران بشكل مقبول وغير مقبول..!!
كل هذه الشجون دفعتني لتحديد بعض الوسائل المفيدة في تحديد التخصص الجامعي أوردها في النقاط التالية:
أولا: ما هي المادة التي أحببتها في المدرسة؟
انتبه إلى الآتي:
- حب مادة ما أوكرهها ليس مرتبطاً بحبنا أو عدم حبنا لأستاذها.
- حب مادة ما لا يعني الالتحاق بنفس هذه المادة في الجامعة فحب مادة الكيمياء لا يعني التخصص بها في الجامعة. بل إن حب مادة يدل على تميزك بقدرات معينة ستخدمك في تخصصات اخرى.
- المواد السهلة تلقى رزاجاً أكثر بين الطلاب وهذه طريقة غير مقبولة في الاختيار.
- اختيارك لفرع علوم طبيعية او شرعية أو إدارية يجب ألا يؤثر على قرارك الجامعي في حدود ما تسمح بهالأنظمة.
- لاحظ ان تميزك في مد العلاقات مع الناس أو حسك الفني او الرياضي هي أمور لا نعطيها اهتماماً في مدارسنا، بينما تلعب دوراً مهماً جداً في اختيار التخصص الجامعي.
ثانياً: استكشف تخصصات الجامعة المتاحة
عندما كنت ألتقي الشباب الصغار كنت أسألهم عن معرفتهم بالتخصصات الجامعية وأنواعها والفرق بينها. كنت ألاحظ بشكل واضح الجهل الكبير الذي يحمله طلابنا حول قرار مهم سيتخذونه بأنفسهم خلال فترة وجيزة. هذا الجهل كان وراء العشوائية التي نراها هنا وهناك في اتخاذ قرارمصيري مثل هذا القرار.
ثالثاً: فكر في المهنة وليس في التخصص (طريقةالاستكشاف العكسية)..
من وسائل اختيار التخصص الجامعي هو تحديد المهنة التي تودقضاء حياتك فيها وليس في التخصص (أو المادة) الذي تستمتع بدراسته وتعلمه. ضع ملامح واضحة لهذه المهنة بكل تفاصيلها.. أسأل نفسك:
ماذا أريد أن أكون؟
ماهي المهنة أو المهن التي أود أن أقضي حياتي فيها؟
ما هو نمط الحياة الذيين اسبني؟ ما هي المهن التي تتناسب معه؟
أين تقع متعتي وهواياتي؟
ثم ابدأ في البحث والسؤال عن التخصص أو التخصصات الجامعية التي تقودك لهذه المهنة.
رابعاً: من أنا؟
لقد خلقنا الله عز وجل مختلفين.. ما يناسب (محمد) قد لايناسب (سعيد) ليس لـ قوة في (محمد) ولا لـ ضعف في (سعيد) بل لأننا مختلفون.. ولديناميول شخصية مختلفة.. وطبيعة شخصية مختلفة.. وبالتالي فسننجح في أعمال مختلفة كـ لٌحسب ما يناسبه هو فقط. إن من أهم واجباتنا ان نتعرف على طبيعة شخصيتنا وميولناوبالتالي نختار من التخصصات ما يناسبنا نحن!
أين المشكلة في تقييم الذات؟
المشكلة تكمن في تأثر طلابنا الكبير بالصورة الذهنية النمطية وسمعة بعض التخصصات أو المهن.. فلو سألت مجموعة من طلاب المرحلة الثانوية عن رغبتهم في التخصص في المستقبل لأجاب معظمهم (طيار، طبيب، ضابط،..) يقولون ذلك بسبب الصورة الإيجابيةالتي يحملونها تجاه هذه المهن بغض النظر هل هي ملائمة لهم أم لا..!!
تذكردائماً أنك شخص مميز، وأن هناك تخصصات ومهن تلامس ميولك الشخصية والتي لو اجتهدت فيتطوير نفسك فيها فستحقق نتائج رائعة بمشيئة الله تعالى مهما كانت هذه التخصصات
خامساً: انزل إلى أرض الواقع ..
عندما تبحث عن مهنة المستقبل فلا تكتفي بانطباعك أو انطباع من حولك عنها.. بل انزل إلى أرض الواقع واستكشف هذه المهنة بنفسك.. اذهب إلى أصحاب هذه المهنة التي حددتها وتحدث إليهم. قم بمقابلةخريجين جدد أو متخصص في هذه المهنة وتحدث إليه لتكوين تصور واضح عن تلك المهنة. يحب الناس الحديث عن أنفسهم وعن مهنهم إذا سُئلوا السؤال المناسب، وفي الوقت والمكان المناسبين.. قم بطرح الأسئلة التالية:
ماذا تقومون به بالضبط كل يوم؟
هل أنتم مستمتعون بعملكم؟
ما هو الشيء الذي يحفزكم ويمتعكم فيه؟
ما هي العقبات التي تواجهونها في العمل؟;
ماذا تتوقع لهذه المهنة فيالعشر سنوات القادمة؟
هل تعتمدون أكثر على الشهادة الجامعية أم على الخبرةالعملية؟
ما هي طبيعة عمل الشخص المبتدئ في هذه المهنة؟ وماذا يحتاج حتىيتطور؟ هل هذا متاح أم لا؟
هل يمكن أن تخبرني ما المناصب والمراتب الوظيفيةالتي عملت فيها من بدايتك في هذه المهنة إلى الآن؟
ما التخصص الجامعي المطلوب؟ ما الشهادات الإضافية المطلوبة؟
ما الذي يستلزم وجوده من مهارات لديحتى أنجح في هذه المهنة؟
أخيراً هل تنصحني بالتخطيط والعمل على الالتحاق بهذهالمهنة؟
هذه المقابلة الاستكشافية في غاية الأهمية، وستعطيك بصيرة رائعةحول المهنة التي ستدرس الجامعة من أجلها، وبالتالي ستسهل عليك عملية اختيار التخصصالجامعي.
سادساً: أريد أن أصبح مثل فلان؟
من الوسائل الجيدة ايضاً فياختيار التخصص الجامعي أن تحدد شخصية تثير إعجابك في مجال ما، ثم قم بالبحثوالتنقيب عن سيرتهم الذاتية لتتعرف على التخصص الذي درسوه والخبرة العملية التيتعرضوا لها حتى وصلوا إلى هذه المكانة. فمثلاً هل أنت معجب بالدكتور (أحمد زويل) الحاصل على جائزة (نوبل) في الكيمياء.. هل تريد ان تصبح مثله؟ هل تريد أن تصبح مثلا لدكتور (فهد الربيعة) جراح فصل التوائم المعروف.. هل تريد ان تصبح مثل صديقا لعائلة فلان الذي تعجبك مهنته. إن إعجابك بمثل هؤلاء الأشخاص قد يكون المفتاحلتحديد المهنة التي ستبرع فيها ومن ثم قم بتطبيق (طريقة الاستكشاف العكسية) التيشرحتها سابقاً.
لكن انتبه هنا من أمر مهم.. يجب ألا يأخذك الإعجاب بشخصية ذلكالرجل وسماته المميزة وبريق الشهرة الذي حققه دون التأكد من أن التخصص الذي اختارههو يناسبك أنت شخصياً. يجب أن تتأكد من أنك تمتلك الميول والقدرات التي ستساعدك علىالنجاح في هذه المهنة دون أن تتأثر بالنجاح الذي حققه الشخص الذي أعجبت فيه. قمبمراجعة ما كتبته في الفصل القادم حول هذا الأمر لأنه من الأخطاء الشائعة التي يقعفيها كثير من الطلاب أثناء اختيار تخصصهم الجامعي.
سابعاً: اطلبالهداية من الله عز وجل..
لقد وضعت هذه الوسيلة في نهاية المقال ليس للتقليل منأهميتها بل حتى ابتعد عن الأسلوب التقليدي الذي يتبعه بعض الكتّاب في المرور علىهذا الأمر بسرعة. إنني على يقين كامل بأن طلب الهداية والتوفيق من الله عز وجل واللجوء إليه والوقوف على بابه هي من أهم الوسائل الفعالة لاختيار التخصص الصحيح. قم في الساعة الأخيرة من الليل واسجد بين يد الله عز وجل وتضرع إليه.. اطلب منهالهداية في أمرك، وأن يجعل عملك وحياتك في رضاه، وكن واثقاً بأنه سيدلك على التخصص الصحيح. لا أقول هذا الكلام كموعظة بل هي وسيلة فعالة لابد ان نعتمد عليها بكل يقينوثقة.
هذه بعض الوسائل التي أتمنى ان تكون عوناً لك على اتخاذ هذا القرارالحساس. والله الهادي إلى سواء السبيل.
بالتوفيق للجميع