█◄© بين الذكريات و الحياة © ►█ بقلميــــــ خاص بالقلعة ــ
آخر
الصفحة
monty

  • المشاركات: 38819
    نقاط التميز: 8636
كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
monty

كاتب قصصي في منتدى القصص القصيرة
المشاركات: 38819
نقاط التميز: 8636
معدل المشاركات يوميا: 5.4
الأيام منذ الإنضمام: 7230
  • 19:23 - 2008/10/14
 

 

 

* بين الذكريات و الحياة *

 

 

أشرقت شمس الصباح و عمار جالس على كرسيه المتحرك المُطل على حديقة خضراء،

مليئة بالزهور الغناء و هو يراقب و يفكر في ماضيه الملئ بالذكريات ،

 ماضيه الذي يمر أمامه كشريط سريع لا يستطيع التوقف فيه إلا و دمعته تسيل على خديّه.

عمار شابٌ في الأربعين من العمر، عاش عشرون عاماً من حياته في بلاد الغربة.

 بعيداً عن الأهل و الأحباب لم يتزوج وفائاً لحبيبة لم تستطع أخرى إقتلاع مكانها من قلبه،

 ظل حبيس نفسه ، يومه بين مطرقة العمل و سندان الحياة القاسية.

يعيش تحت دوامة روتين يومي، إن اراد كسره

يذهب للغداء في مطعم غير المعتاد ليشعر بشعور التجديد و يرى شئ جديد بعيداً عن روتينه الرتيب.

أخرج قداحته و هو يتمايل على كرسيه ببطء ،

 و أشعل سيجارته التي يراها مؤانسه الوحيد في لحظات الشوق و هو بين شريط ذكرياته المؤلم على قلبه

و صورة الأحباب محشورة في جنبات عقله ..

تنهد بأنفاس عميقة و قال :" تباً للحياة، ركضت باحثاً عن سعادتي فسقط في هوة أحزاني،

كم أنا غبي تركت بيتي الذي كان يمكن أن يصبح قصراً رغم صغره ،

 و يصبح مضيئاً رغم تلك الشمعة الوحيدة في الوسط ،

 و أن اراه هادئاً رغم الجلّبة و الضوضاء التي تخرجها تلك المصانع اللعينة، كم أنا غبّي ."

قالها و هو يمتعض شفتاه بغضب و ينفث الدخان من أعماق أعماقه التي يملؤها الحزن الدفين.

ذادت دقات قلبه شيئاً فشيئاً .. و أرتطمت أحاسيس حزنه و بؤسه بهواجسه و إذا بصدره يتحرك

 و كأنه يقاتل تلك الذكريات التي تلاحقه.

وضع يده فوق صدره و زاد الألم و إنقطعت أنفاسه شيئاً فشيئاً و سقطت تلك السيجارة من يده ، و وجهه يزداد إحمراراً

تحامل على نفسه و أتجه صوب الهاتف و طرق أرقام الإسعاف و نطق بكلمة واحدة :"ساعد..ؤؤ .وني" 

و سقط على الأرض كمن يسقط جثة هامدة على فراشه.

سمع صوتاً يشبه صوت بوق السيارة لكنه  يصدر صوتاً متقطعاً بين لحظة و أخرى

حاول فتح عيناه تدريجياً رغم الثقل الذي يشعر به بين جفونه

 و عندما أستطاع فتحهما وجد وجه مبتسم المحيا أمام وجهه، بلباس أبيض و أحس بيدها تلامس يده .

قال لها :" من أنتِ"

إبتسمت الفتاة و قالت :" أنا الدكتورة كلارا .. حالتك كانت خطرة عندما وصلت الى هنا،

 لكن الحمد لله الآن أنت في إستقرار تام و يلزمك بعض الراحة.

أسترح الآن و لنا حديث مطول بعد أن تسترد بعض من عافيتك "

نظر أليها و قال :" شكراً لك دكتورة كلارا .. و أريد أن أعلم ما ذاك الذي إنتابني في تلك اللحظة "

قالت له :" ليس الآن إسترح و لنا حديث " .. و ذهبت لتتركه بين تساؤلاته و ذكرياته.

تنهد مرة أخرى و أغمض عينيه محاولاً النوم و لم تتوارى عينيه في النزول لرغبته و نام في سبات عميق.

تحركت عينيه عندما شعر بأشعة الشمس الحارقة فوق عينيه .. فرفع يده و كأنه يحاول إزالة تلك الأشعة من عينيه

فإذا بصوت الدكتورة كلارا و هي تصيح :" هيا .. كفاك نوماً حان وقت الفطور"

فتح عينيه و قال لها :" صباح الخير

- صباح النور و السرور .. هل تشعر بتحسن

- نعم .. لكن أشعر بشئ ما داخل صدري

- لا تخف سيزول هذا الشعور تدريجياً

- بماذا أنا مصاب ؟

- لديك ورمٌ بسيط في صدرك .. و سنزيله بعملية جراحية

_ عملية !!!!

- لا تخف .. فهي مجرد عملية ستأخذ بضع دقائق فقط

- لكن ..

- ماذا؟

- ليس لدي المال الكافي

- هل لديك أي أقارب

- للأسف .. لا

- حسناً .. لا بأس سأرى ما يمكنني فعله .. هيا كُل فطورك و بعدها سنرى ما باليد من حيلة

و فجأة دخل عليهم دكتور جميل المظهر .. واثق الوجه .. و قال :" مرحباً كيف حال مريضنا "

فردت الدكتورة كلارا :" مرحباً دكتور أيمن "

فصرخ عمار بصوت المتفاجئ :" أيمن !!!!! هل أنت عربي يا دكتور "

بدت علامات الدهشة ترتسم على وجه الدكتور أيمن و قال :" نعم .. من أين انت و ما اسمك؟"

- أنا عمار من السودان

أتجه أيمن بلهفة الى عمار و مد يده و السعادة تغمره و قال :" و أنا ايضاً من السودان "

فبكى عمار و وقف ليعانق أيمن .. و سقط بين صدره كما يسقط الطفل في صدر أمه و أنهمرت الدموع من عينيه

ثم قالت الدكتورة كلارا :" هاقد أتاك الفرج يا عمار "

فرد أيمن بسرعة :" دكتورة كلارا .. إن كان لدى عمار أي مشاكل مالية أنا في الخدمة ..

فمن لم يعاون أخاه في غربته ، لا فائدة منه "

نظر عمار الى السماء  و الدموع مغرورقة بين عينيه

و قال  :" الحمد لله .. الذي أرسل لي أخاً من حيث لا أعلم ليشعرني بالحياة  " .

*** أنتهت ***

                       بقلميـــ**monty**ــ

 



 

 


 

 █◄© بين الذكريات و الحياة © ►█ بقلميــــــ خاص بالقلعة ــ
بداية
الصفحة