صندوق النقد العربي.. الطموح لا يكفي!!
مغاوري شلبي
يعتبر صندوق النقد العربي من أهم مؤسسات العمل العربي المشترك، والذي أنشئ في ظروف ومناخ من القيم والمبادئ الأصيلة؛ ليكون من أهم وسائل الدعم لمسيرة التعاون الاقتصادي بصفة عامة وفي المجال النقدي بصفة خاصة، وقد كان – ولا يزال - الأمل معقودًا عليه؛ لينهض بمسيرة التعاون العربي وحل المشاكل التي تصادف الدول العربية في المجال المالي والنقدي، والسطور التالية تهدف إلي إلقاء مزيد من الضوء على هذا الصندوق من حيث النشأة والتطور، والدور المنوط به، وما يصادفه من تحديات، وأساليب التغلب عليها.
أنشطة متنوعة للصندوق
إلي جانب الدور الأساسي للصندوق، ومن أجل تنشيط التجارة بين الدول العربية، قام الصندوق بإنشاء برنامج عرف ببرنامج تمويل التجارة العربية، وذلك في عام 1989 من أجل دفع القطاع الخاص للمساهمة في تنشيط التجارة العربية البينية بتخصيص خطوط ائتمان لتمويل الصادرات في العديد من البنوك العربية بشروط معينة، وفى عام 2000 أعلن الرئيس التنفيذي لبرنامج تمويل التجارة العربية أنه تم تخصيص 20% من رأسمال البرنامج المدفوع والبالغ 500 مليون دولار لتمويل صادرات الدول العربية من البترول، بعد أن كانت قاصرة على الصادرات غير البترولية، كما تم مد نشاط البرنامج ليقوم بتمويل الصادرات العربية للعالم الخارجي، بعد أن كان التمويل قاصراً على الصادرات البينية العربية، وإلي جانب تمويل التجارة العربية قام الصندوق في عام 1997 بإنشاء أول مشروع في مجال تقييم الجدارة الائتمانية للمؤسسات المالية مثل الشركات والبنوك وغيرها، وهو ما يطلق عليه Rating Agency وذلك بالتعاون مع ثالث أكبر مؤسسة عالمية في هذا المجال، وهي مؤسسة "فتش إيبكا" وبدعم من مؤسسة التمويل الدولية IFC وهذا المشروع أطلق عليه "الشركة العربية لتقييم الملاءة الائتمانية".
وإلي جانب الدور الأساسي، فإن الصندوق يقوم بدور كبير في تكوين قاعدة بيانات عربية واسعة لجميع المؤشرات الاقتصادية، كبيانات موازين المدفوعات والموازنات العامة وأسعار الصرف والحسابات القومية والتجارة الخارجية والدين العام والسكان وغيرها.. وتعتبر هذه القاعدة من البيانات مرجعاً هاماً لكل متخذي القرار والباحثين الاقتصاديين في العالم العربي، ويقوم الصندوق بتوفير هذه البيانات لكل من يطلبها من المتخصصين في العالم العربي.
ورغم الطفرة الكبيرة التى شهدها نشاط الصندوق في السنوات القليلة الماضية، خاصة مع بداية تنفيذ الدول العربية لقرار إنشاء منطقة التجارة الحرة الكبرى، إلا أن الأمل ما زال معقوداً على الصندوق ليقوم بدور أوسع وأعمق في مجال دعم التعاون العربي خاصة في المجال النقدي.
__________________
انتقادات وأمل في دور أكبر
وكذلك هناك أمل في أن يتخلص الصندوق من بعض المشاكل والانتقادات التى يأخذها البعض عليه؛ لينهض بدور أكبر في العالم العربي وأهمها:
ـ اعتماد التعيينات بالصندوق على الاتصالات الشخصية والحكومية بين الدول الأعضاء، وبعيداً عن التخصص الفني والخبرة الإدارية، وهو ما ينعكس على أداء الصندوق ويؤثر على قدرته في تحقيق أهدافه.
ـ عدم الاهتمام بعلاج مشاكل التعاون الاقتصادي العربي بالدرجة الكافية في الوقت الذي يتحتم عليه أن يلعب دوراً أكبر في هذا المجال؛ لما لديه من رؤية أشمل من غيره.
ـ أهمية قيام الصندوق بإرشاد الدول العربية إلي الطريقة المثلى لتحقيق الوحدة النقدية العربية، ودعم سبل التوصل لها في ظل إعلان مجلس التعاون الخليجي عن اتخاذ خطوات لتوحيد العملة بين دول المجلس.
ـ أن يكون للصندوق دور أكبر في تحقيق استقرار سياسات سعر الصرف في الدول العربية.
ـ حاجة الصندوق إلي دعم كبير وإستراتيجية طويلة الأجل تنشط دوره كمؤسسة إقليمية نقدية، وأن يكون هناك تخطيط لتعاون نقدي، هدفه النهائي وحدة نقدية عربية على غرار الوحدة النقدية الأوروبية.
وفى ظل الانتقادات الموجهة إلي صندوق النقد والبنك الدوليين؛ فإن صندوق النقد العربي في حاجة إلي أن يطوع نتائج الدراسات والسياسات التى يعدها الصندوق والبنك الدوليين بالصورة التى تحقق مصالح الدول العربية وتتفق مع ظروفها، وأن يقدم للدول العربية المشورة والنصح في هذا المجال، وكذلك فإن صندوق النقد العربي في حاجة ماسة إلي أن يظهر نشاطه ويروج لأهدافه وطريقة عمله إعلامياً؛ لأنه إذا كان معظم المواطنين العرب لا يعرفون إلا القليل عن صندوق النقد والبنك الدوليين الموجودين في العاصمة الأمريكية واشنطن؛ فإنهم لا يعرفون إلا أقل القليل عن صندوق النقد العربي الموجود في "أبو ظبي".