الحمل الثقيل وميراث الدم
كلنا فى هذه الحياة نحمل أحمالا" ثقيلة - أحمال تخص المعيشة وأحمال تخص العمل وأحمال تخص تربية الأولاد وأخرى تخص الصحة وما يعتليها من أمراض
- هناك من يستطيع توزيع هذه الأحمال وهناك من لا يستطيع والحمل عندما يثقل قد يكسر ظهر حامله ويحمل خطرا" شديد على الحمل وحامله
- لم نفكر فى التخفيف من أحمالنا التى أغلبها ما يكون حمل نفسى بالدرجة الأولى ولو فكرنا فى أحمال غيرنا هانت علينا أحمالنا بل ساعتها سندرك أننا لا نحمل سوى الوهم
فما نظن أننا نحمله شيئ بسيط ينتهى كله بمجرد الموت
- لكن هناك أحمال لا ينهيها الموت بل تدخل مع الميت قبره ويظل يتلاعن بها فى الدنيا ما بقيت تلعنه أجيال من ورائها أجيال -وتنتظره يوم يبعثون ويختصمونه عند الواحد الديان
هذا هو الحمل الثقيل - حمل الدم
- عندما تتلوث اليد بالدماء وتظل تتلوث حتى يغرق فى بحر من الدماء معتقدا" أنه يحقق مجد دنيوى - وأكثر من تلوثت أيديهم بالدماء كانوا يعتقدون أنهم يحسنون صنعا
-- فكم من حكام تلوثت أيديهم بالقتل – يقتلون بالظن ويقتلون لمجرد القتل لكسب الهيبة وترويع الناس -حدث هذا فى القديم وفى الحديث ولا أدرى كيف استطاع من قتل الألاف بدم بارد
أن ينام أو يتسامر فى جلسة أنس
-جميعهم فعل ذلك تحت مسمى توطيد أركان الدولة والمحافظة على كرسى الحكم - كم أرتكبت مجازر يندى لها الجبين وإبادات جماعية قتل وحرق وهدم وتخريب وهم يتغنون بأمجادهم
والكارثة الكبرى أنهم جعلونا نتغنى معهم
-منهم من لم يكتفى بقتل الناس وتعذيبهم بل منهم من قتل أباه ومنهم من قتل جميع إخوته وزعموا أنهم يقيمون حضارة وزعمنا معهم أنهم كذلك
--- ان الانسان بطبعه كائن تتغلب عليه العاطفة -- فكيف يستطيع نزعها فى حكمه على الأمور – كيف نستطيع تقبل ما تقوله عن سلبيات الحضارة الاسلامية –
كيف نستطيع أن نتقبل أن صلاح الدين القائد العظيم الذى استعاد القدس أسس دولة ملكية قائمة على تمركز السلطة فى نسله
–كيف نستطيع تقبل ما تقوله بأن إستبداد بعض الخلفاء بعد الخلافة الرشيدة – هو ما منع الفقهاء من بحث الجانب السياسى فى الشريعة وأصول الحكم والتركيز على جوانب الطهارة وما شابهها
مما لا يشكل تهديدا" لسلطة الخليفة
–نحن أمة مهزومة فإذا شككنا فى تراثنا الحضارى – فماذا يبقى لنا
الله أكمل لنا الدين لكنه لم يكمل البشر ولم يقفل عليهم باب الاجتهاد -هناك فرق بين الاسلام والمسلمين - كما أن هناك فرق بين الدين والحضارة -سلبيات الثانى لا تنعكس على الأول
-- كم تغنينا بأفعال الطغاة دون تفكير كم حملوا أحمالا" ثقيلة تنوء منها الجبال - لكنها أحمال وميراث الدم - فما الذى يجعلنا نحن نتفاخر بما قدموه - ما الذى يجعلنا ننادى بطريقة حكمهم
-إن الحمل الثقيل عندما يتولى أحدهم الحكم والأرض ليس معبدة ولا الركوبة وادعة ولا الرعية طيعة –فإن أردت أن تكون أميرا" للمومنين فلن تحكم ألفا" من البشر لكنك تحكم الناس
وفيهم الصالح والفاجر والمؤمن والفاسق -هنا لن يكون الحكم إلا بالسياسة والحيلة – فإمامة الصلاة للأتقى وإمامة الحكم للأدهى
–لذلك القائد العسكرى لا يصلح للحكم - وإن حكم بدون فن السياسة ضاعت البلاد وربما أريقت الدماء وأصبح الحمل ثقيلا" عليه وعلى العباد
لو دققنا البحث سنجد أن الغالبية العظمى ممن يتكالبون ويتصارعون على السلطة والقيادة فى أى مجال ليسوا هم الأخيار ولا هم أصحاب الكفاءة - فأصحاب الكفاءة لا يتصارعون فإن أتت إليهم طواعية
كان هذا من حظ العباد -لكن دائما" يتصارع عليها من هم دون الكفاءة أصحاب النقصان
-- هو يعيش فى عيشة رغدة يمتلك المال والضياع فما الذى يجعله يحارب من أجل السلطة ويحمل فى سبيلها ميراث الدم يورثه لمن خلفه خوفا" ورعبا" وهذا فى الدنيا فما بالك بالأخرة
- وهذا فقط ليس فى الولاية الكبرى إنحدر حتى فى المناصب العادية - ليحقق الخسارة والخراب - وهذا حملهم وإرثهم البغيض فما الذى يجعلنا ننحاز لهم
- ما الذى يجعلنا نهلل ونفتخر بطغاة كان ميراثهم الدم ونحن أكثر من أضير من صنعهم
الموضوع للمناقشة
.