السبق الصحفي .. والحصري المشكوك فيه
سليمان مهيرة
عندما فكرت في كتابة هاته الأسطر والفقرات كنت متيقنا بأن بعض رفقاء المهنة سيظنون بأننا ننتقدهم مع أننا نشرب من كأس متاعب واحد ة ونأكل من صحن واحد لكننا قد نمسك بالملعقة من منتصفها وقد يستغني بعضنا تماما عن هذه الوسيلة وقد يلجأ بعضنا الآخر إلى شرب الماء فقط .
منذ أن ضمن منتخبنا الأخضر ركوبه في مركبة المونديال ونحن نسمع من كل النواحي بأن هذه هي الفرصة التي لا يجب أن تضيعها فرقة الشيخ سعدان للتأهل للدور الثاني وهي فرصة العمر التي لا يجب أن تضيع كذلك من بين أيدينا لأننا الأفضل حسب الجورنالات ولأننا تأهلنا على حساب منتخب الفراعنة الفائز بكأس إفريقيا ألأخيرة ، وهو ما جعل الشارع الجزائري كبيره وصغيره همه الوحيد معرفة الجديد عن منتخب بلاده وعن الطريقة التي سيلعب بها مدربه وعن التعداد الذي سيشارك أمام سلوفينيا ثم أمام إنجلترا وفي الأخير أمام الأمريكان وهو ما صاحبه تغيير مديري النشر لهذه الجورنالات لسياساتهم مفضلين استغلال هذه الفرصة وتوظيفها لزيادة مدا خيل ومبيعات جورنالاتهم وهو شيء عادي وطبيعي وهو حق مطلوب لا يمكن أن ننكره أو ننقص منه ، لكن أن نساهم في إحداث فوضى إعلامية فتلك الطامة الكبرى لأننا قد نمحى ما يقال من أشقاءنا علينا بأن الإعلام المكتوب الجزائري في السنوات العشر الأخيرة قطع أشواطا كبيرة من التميز وغطى عن السمعي البصري الذي لا يزال يعمل وفق قاعدة كل شيء على ما يرام ، وقد ساهمت هذه الفوضى التي أضرت بمصداقية الجريدة ومصداقية كاتب الموضوع أو الحوار في توسيع فجوة التباعد مع القراء ومدمني الصحافة المكتوبة في الجزائر بعدما تاهوا لمن يقٍرؤوا أ ومن هو الجورنال الذي يقدم المعلومة الصحيحة وهل فعلا لاعبينا لم يصرحوا في أكثر من قضية بعدما أنكروا في أكثر من مناسبة في المونديال بأنهم لم يصرحوا بذلك بدليل أنهم قالوها جهارة في الكثير من الفضائيات بأن ذلك لم يحدث تماما إنطلاقا من تعليمات قدمت لهم من قائد سفينة المنتخب الحاج روراوة الذي أراد هو الآخر اللعب في ميدان لوحده برقم 10مثلما يقوله المثل الشعبي حاب تلعب ديس وحدك .
وفتح بعدها المجال على مصراعيه للتشكيك فيما يقدمه هذا الجورنال أو ذاك من منطلق أن هناك تنافر كبير في المعلومات ولا يوجد أي تشابه حتى في المضمون الأولي والقضية الشائكة بعد ما أصبحت كل جريدة تسبح في بحر لوحدها وتبحث من وراء ذلك عن صيد سمك كبير بإسم السبق الصحفي أحيانا و بإسم ألحصري أحيانا أخرى وهو ما حول هذا السبق إلى موضة تتباهى بها كل جريدة فهذه تقول بأنها تنفرد والأخرى تعطي خبر تحويل لاعب لنادي وتؤكده بكلمات الرسمية وأخرى تقول بأن مسؤول قطاع هو الذي أمر بذلك و كل جهة تستعرض قواها المشكوك فيها وتحاول الاستثمار في مسيرة المنتخب الماضية والقادمة حتى تحافظ على توازنها الذي مالت كفة ميزانه للقارئ الذي بدأ يحس بأن هناك تنافس غير صادق إعلاميا ومهنيا وبدأ ينسحب تدريجيا من الأكشاك والمكتبات التي تبيع هذه الجورنالات و لا يزورها سوى لشراء أشياء أخرى لأن الكثير يتابع المونديال عبر الشاشة ولا يهمه ما تقوله الصحف التي يبدو وأنها نسيت بأن بوصلة سياسة الجورنال في هذه الفترة يجب أن يتغير اتجاهها لأن المشاريع الإعلامية القادمة قد تهم المواطن والقارئ أكثر بما في ذلك أسعار اللحوم و الزيت والدقيق لأن الموعد الذي هو على الأبواب هو شهر رمضان وليس مقابلات . 2012 التي مازال الوقت أمامها وقد يشرع فيها في العشر الأواخر من هذا الشهر لأن الحياة أصبحت رياضة كرة قدم و الاستثمار في الإعلام الرياضي أصبح مربحا لكنه قد لا يدوم إذا تكررت مصطلحات الإنفراد و الحصري كثيرا واختفت معها معايير الإعلام الصحيح التي قد تختفي معها أيضا اليوميات الإخبارية ، ويصبح كشكنا الإعلامي مكون من يوميات رياضية فقط