بســـــــــم الله الرحمــــــن الرحيـــــم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
ومـن سيئـات أعمـالنـا مـن يهـده الله فـلا مضل له ومن يضلل فلا هـادي لـه
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسولـه
أما بعد .....
▪ أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه وارضاه ج7
قال أبو الموجه محمد بن عمرو المروزي : زعموا أن أبا عبيدة كان في ستة وثلاثين ألفا من الجند ، فلم يبق منهم إلا ستة آلاف رجل .
أخبرنا محمد بن عبد السلام ، عن أبي روح ، أنبأنا أبو سعد ، أنبأنا ابن حمدان ، أنبأنا أبو يعلى ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء ، حدثنا مهدي بن ميمون ، حدثنا واصل مولى أبي عيينة ، عن ابن أبي سيف المخزومي ، عن الوليد بن عبد الرحمن ، شامي فقيه ، عن عياض بن غطيف ، قال : دخلت على أبي عبيدة بن الجراح في مرضه ، وامرأته تحيفة جالسة عند رأسه ، وهو مقبل بوجهه على الجدار ، فقلت : كيف بات أبو عبيدة ؟ قالت : بات بأجر . فقال : إني والله ما بت بأجر! فكأن القوم ساءهم ، فقال : ألا تسألوني عما قلت ؟ قالوا : إنا لم يعجبنا ما قلت ، فكيف نسألك ؟ قال : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله ، فبسبع مائة ، ومن أنفق على عياله ، أو عاد مريضا ، أو ماز أذى فالحسنة بعشر أمثالها ، والصوم جنة ما لم يخرقها ، ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده ، فهو له حطة " .
أنبأنا جماعة قالوا : أنبأنا ابن طبرزد ، أنبأنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن غيلان ، أنبأنا أبو بكر الشافعي ، أنبأنا عبد الله بن أحمد ، حدثنا محمد بن أبان الواسطي ، حدثني جرير بن حازم ، حدثني بشار بن أبي سيف ، حدثني الوليد بن عبد الرحمن ، عن عياض بن غطيف ، قال : مرض أبو عبيدة ، فدخلنا عليه نعوده ، فقال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " الصيام جنة ما لم يخرقها " .
وقد استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا عبيدة غير مرة ، منها المرة التي جاع فيها عسكره ، وكانوا ثلاث مائة ، فألقى لهم البحر الحوت الذي يقال له العنبر ، فقال أبو عبيدة : ميتة ، ثم قال : لا ، نحن رسل رسول الله ، وفي سبيل الله ، فكلوا ، وذكر الحديث ، وهو في " الصحيحين " . ولما تفرغ الصديق من حرب أهل الردة ، وحرب مسيلمة الكذاب ، جهز أمراء الأجناد لفتح الشام ، فبعث أبا عبيدة ، ويزيد بن أبي سفيان ، وعمرو بن العاص ، وشرحبيل بن حسنة ، فتمت وقعة أجنادين بقرب الرملة ، ونصر الله المؤمنين ، فجاءت البشرى ، والصديق في مرض الموت ، ثم كانت وقعة فحل ووقعة مرج الصفر وكان قد سير أبو بكر خالدا لغزو العراق ، ثم بعث إليه لينجد من بالشام ، فقطع المفاوز على برية السماوة ، فأمره الصديق على الأمراء كلهم ، وحاصروا دمشق ، وتوفي أبو بكر ، فبادر عمر بعزل خالد ، واستعمل على الكل أبا عبيدة ، فجاءه التقليد ، فكتمه مدة ، وكل هذا من دينه ولينه وحلمه ، فكان فتح دمشق على يده ، فعند ذلك أظهر التقليد ؛ ليعقد الصلح للروم ، ففتحوا له باب الجابية صلحا ، وإذا بخالد قد افتتح البلد عنوة من الباب الشرقي ، فأمضى لهم أبو عبيدة الصلح .
فعن المغيرة : أن أبا عبيدة صالحهم على أنصاف كنائسهم ومنازلهم ، ثم كان أبو عبيدة رأس الإسلام يوم وقعة اليرموك ، التي استأصل الله فيها جيوش الروم ، وقتل منهم خلق عظيم.
سير اعلام النبلاء للامام الذهبي