بذات الوتيرة الدامية، أبقت قوات جيش الاحتلال على هجماتها العنيفة على قطاع غزة، ومن جديد استهدفت منتظري المساعدات الإنسانية وسط قطاع غزة، كما قصفت منازل المواطنين، ونقاط شحن الهواتف النقالة ومناطق النزوح، ما أدى إلى سقوط عشرات الضحايا الجدد.
مجازر جديدة ضد المجوعين
وفي التفاصيل، لم يرحم رصاص جيش الاحتلال حشود المجموعين الذين كانوا ينتظرون على طريق صلاح الدين شمال مخيم النصيرات، للحصول على بعض المساعدات الغذائية التي توزع في أحد المراكز القريبة الخاصة للآلية الإسرائيلية الأمريكية، بعد يوم واحد من مجزرة مماثلة طالت المجوعين في ذات المكان.
وقالت مصادر محلية إن قوات الاحتلال، شرعت بإطلاق وابل من الرصاص والقذائف من عدة اتجاهات، على حشد المواطنين الذين كانوا على مقربة من "محور نتساريم”، حيث يوجد أحد مراكز توزيع المساعدات هناك.
أسفر هجوم عن ارتقاء 25 شهيدا، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، جراء استهداف الاحتلال منتظري المساعدات
وأسفر الهجوم عن ارتقاء 25 شهيدا، بالإضافة إلى عشرات الجرحى، جراء استهداف الاحتلال منتظري المساعدات، حيث جرى نقلهم إلى مشفى العودة في مخيم النصيرات.
استهداف العائلات والنازحين
ولم تكن هذه المجزرة الوحيدة في وسط قطاع غزة، إذ ارتقى 11 شهيدا، وأصيب العشرات جراء استهداف قوات الاحتلال بغارة جوية منزلا لعالة عياش، يقع في مدينة دير البلح، وقد جرى نقل الضحايا بعد انتشالهم بصعوبة إلى مستشفى شهداء الأقصى، كذلك ارتقى عدد من الشهداء والمصابين بقصف طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة العديني شرقي المدينة.
وفي السياق، نفذت قوات الاحتلال توغلا محدودا في المناطق الواقعة شرق مخيم البريج، تحت غطاء من القصف المدفعي وإطلاق النار الكثيف، كما تعرضت المناطق الشمالية لمخيم النصيرات لقصف مماثل.
أما في مدينة خان يونس، فقد استشهدت طفلة من عائلة البريم وشاب من عائلة قديح، جراء استهدافات طالت منطقة الموصي التي يقيم فيها النازحون، واستشهد شاب من عائلة النجار متأثرا بجراحه التي أصيب بها في استهداف سابق للمدينة.
هذا وقد استمرت هجمات جيش الاحتلال على مناطق شمال قطاع غزة، التي أنذر جميع سكانها بالنزوح القسري، حيث شن الطيران الحربي عدة غارات على وقع قصف مدفعي وعمليات نسف مباني في مناطق التوغل.
ومن جديد تعرضت مناطق جباليا وبيت حانون وبيت لاهيا لهجمات عنيفة، وسمع مرات عدة دوي انفجارات عالية في تلك المناطق، وذكرت مصادر محلية أن الطيران المروحي أطلق النار بتجاه المناطق الشمالية الغربية لقطاع غزة.
واستمرت هجمات جيش الاحتلال العنيفة على المناطق الشرقية والجنوبية للمدينة، حيث شن الطيران الحربي غارة جوية على حي التفاح شرقا، وذكرت مصادر محلية أن غارات أخرى وقصفا مدفعيا طال الحدود الشرقية لحي الشجاعية، وكذلك أطراف حي الزيتون جنوب شرق المدينة، وتحديدا المناطق القريبة من "محور نتساريم” من الجهة الشمالية.
وفي السياق أيضا، أصدر جيش الاحتلال أوامر تهديد جديدة لسكان أحياء ومناطق سكنية في مدينة غزة، وطالب القاطنين في البلدة القديمة وحي التفاح وفي البلوكات 606, 607, 719, 720، بالمدينة بالنزوح القسري الفوري إلى غرب المدينة، وهدد بالعمل بقوة في مناطق سكنهم، كما أنذرهم من العودة إلى تلك المناطق.
تحذيرات خطيرة
وترافق ذلك مع تفاقم الأزمة الإنسانية في قطاع غزة، جراء الحصار الإسرائيلي الذي يمنع دخول المواد الغذائية والأدوية والوقود، وسط تحذيرات المنظمات الدولية والمؤسسات الخدماتية المحلية، من مخاطر جسيمة تهدد حياة السكان.
حذرت بلدية مدينة غزة، كبرى بلديات القطاع من توقف مشاريع حيوية وخدماتية تشمل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي بسبب استمرار العدوان والحصار
وحذرت بلدية مدينة غزة، كبرى بلديات القطاع من توقف مشاريع حيوية وخدماتية تشمل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي بسبب استمرار العدوان والحصار ونقص الوقود ومواد الصيانة والبناء، وأشارت إلى أن هناك "مشاريع إسعافية” متوقفة بسبب استمرار العدوان وعدم توفر الإمكانيات، لافتة إلى أنها تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ هذه المشاريع، لعدم توفر المواد الأساسية اللازمة لتنفيذ المشاريع بفعل الحصار ومنع الاحتلال الإسرائيلي دخولها من المعابر.
وقالت إنها تعاني من عدم توفر الوقود والآليات وقطع الصيانة لآبار المياه ومحطات الصرف الصحي، والمواسير ومواد البناء، ومواد ومعدات أخرى ضرورية لصيانة المرافق الخدماتية، لافتة إلى أن هناك 13 مشروعاً حيوياً من بين 16 مدرجاً قد دخلت حيز التعاقد، إلا أن التنفيذ الفعلي لا يزال متعذراً نتيجة استمرار العدوان، والإخلاءات المتكررة، وتصاعد الأوضاع الميدانية، خاصةً في الأحياء الشرقية من المدينة التي تعيش أوضاعاً صعبة بسبب العدوان.
وفي هذا السياق، قالت المتحدثة باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا” أولغا تشيريفكو، إن مدينة غزة "على بعد ساعات من تدهور كارثي وإغلاق المزيد من المرافق” إذا لم يتم تأمين الوقود على الفور.
ونقل موقع الأمم المتحدة هذا التحذير عن المسئولة الدولية في ختام زيارة للمدينة، حيث شاهدت الوضع "المروع للغاية” في الملاجئ المكتظة بالنازحين داخليا، فيما يستمر تدفق السكان الفارين من القصف على مناطق أبعد شمالا، وقالت "إن نقص الوقود لا يزال حرجا للغاية ويؤثر على المرافق المنقذة للحياة، بما في ذلك المعدات في المستشفيات ومرافق المياه والصرف الصحي”، لافتة إلى أن مضخات المياه توقفت في أحد المواقع التي زارتها، بسبب نفاد الوقود، مضيفة "ما لم يتغير الوضع بحيث يُسمح بدخول المزيد من الوقود إلى القطاع وللمنظمات الإنسانية باستعادة الوقود من مخازنها، فإن المزيد من المرافق ستغلق حتما”.
وأشارت إلى أن الناس في غزة يخاطرون بحياتهم، باستمرار، "في محاولة للعثور على شيء يأكلونه أو يُتركون مع خيار الموت جوعا”، حيث لا تزال المساعدات التي تسمح السلطات الإسرائيلية بدخولها إلى القطاع محدودة للغاية.
وتجدر الإشارة إلى أن الاحتلال يمنع دخول الوقود إلى قطاع غزة منذ أكثر من 100 يوم، وهو ما ينذر حسب الأمم المتحدة بتوقف قريب للخدمات الطبية ومحطات تحلية المياه وشبكات الهاتف وغيرها من الخدمات الحيوية، وقد كانت وزارة الصحة في غزة، حذرت من توقف خدماتها في المشافي، بسب نقص الوقود، وقالت إن ️الاحتلال يعيد منع المؤسسات الدولية والأممية من الوصول إلى أماكن تخزين الوقود المخصص للمستشفيات، بحجة انها تقع في مناطق حمراء.