لم أحزن لقرار قطع البث عن قناة الشروق نيوز بقدر ما أحزنني توقيت اتخاذ هذا القرار!! حيث جاء عشية الاحتفال باليوم العالمي لحرية التعبير، وبعد أيام قليلة من انتهاء وزير الاتصال من عقد سلسلة لقاءات جهوية في سبيل إقناع الصحفيين بتشكيل ما سماها "جبهة إعلامية وطنية" في ظل الظروف الصعبة المحيطة بنا والتحديات التي تواجه البلاد والعباد!!
قرار الغلق جاء من طرف سلطة مهمتها (ضبط) السمعي البصري!! الضبط الذي يعني "الحوار والتواصل وعقد اللقاءات وتقريب وجهات النظر"...، كما يعني في حال ارتكاب الأخطاء: التنبيه والانذار والاعذار وفرض العقوبة!! لكن سلطة الضبط تجاوزت كل هذه المراحل لتذهب مباشرة لفرض "عقوبة قاسية" لا معنى لها وجاءت ردّا على "خطأ" ورد في صفحة تفاعلية على فيسبوك القناة!! صفحة فايسبوكية وليس برنامجا على الشاشة!! لدرجة ان الزملاء الذين تواصلوا مع رئيس السلطة وجدوا القرار جاهزا ولم يكن لدفاعهم معنى أو حتى لتقديم مبرراتهم فائدة!!
سلطة الضبط لا تهتم بالضبط!! لكنها سلطة تهتم وتبحث عن المنع!! والغريب أن منع وسيلة إعلامية ثقيلة بحجم الشروق أتى في زمن دقيق جدا وصعب، يتفق الخصوم قبل الأصدقاء أن المواطن فيه بحاجة للمعلومة، والبلد خلاله يحتاج إلى واجهة إعلامية حقيقية، تؤمن بالتعبير الحر وترتب أولوياتها بشكل صحيح ولا ترتمي في المحظور مهما كثرت المغريات أو تزايدت الضغوطات!! يحتاج إلى منبر إعلامي مثل الشروق، خطه الافتتاحي "وطني" لا غبار عليه وسياسته واضحة كالشمس!
كما أن منع القناة من البث أتى عشية زيارة دولة مهمة لسلطان عمان،، وفي خضم قرارات هامة يتخذها الرئيس تبون في المجالين الإقتصادي والدبلوماسي خصوصا،، ووسط نقاش اجتماعي ساخن ومتكرر عن الهوية،،، كما جاء موازاة مع عمليات أمنية لا تتوقف في مواجهة مافيا المخدرات وتقوية القوانين ضد المضاربة والادمان...ومع انطلاق بيع الأضاحي المستوردة تحسبا للعيد...وووو..الخ!!
كل هذه الأحداث وغيرها..سواء كانت مهمة عند البعض أو لا عند آخرين،، نقابلها بشاشة سوداء رغم حاجتنا لكل وسيلة إعلامية وطنية...لكل تلفزيون واذاعة وجريدة ومنصة!
ثم إن ثقافة المنع باتت من الماضي!! وفكر (أمر طبق) يجب التخلص منه!! هذا ليس معناه الهروب من العقوبة ولا التملص من القانون، ولا يعني التساهل في فرض الانضباط والصرامة!! لكن هذا لا يعني أيضا التخلي عن فكر الشراكة الذي يجب تبنيه جماعيا بديلا عن العداوة والتربص!!
دعونا نتفق أننا نحب الوطن جميعا وان اختلفنا في الطريقة!! وبأنه لا يمكن إصلاح مجال الإعلام دون الاعتراف مبدئيا بسقوط معظمه في فخ السلبية ومتاهة التعفن!! وسط موبوء حيث الصحفي "ذئب لزميله الصحفي" اإلا من رحم ربك!! وقد يفسر هذا انتشار ثقافة الشماتة و"الحفير" وموالاة الباطل والتصفيق له بعد تعليق بث الشروق!!
لكن تأكدوا،، أن الشروق لن تستمر شاشة سوداء..كما أن الأحداث لن تتوقف، وحبنا لهذا الوطن الذي لا نملك غيره لن ينقص! فنحن نؤمن بكل الأشياء الجميلة وسنظل ايجابيين!!
الشروق التي سماها صاحبها "الراحل علي فضيل" بهذا الاسم، متجاوزا بها كل المحن والصعاب؛؛ ومدركا أنها ستظل دائمة الاشراق...؛؛؛هي الشروق التي لن تخذل الجزائر والجزائريين ولن تتراجع عن مبادئها وخطها..
ومهما طال الليل، لابد من طلوع الفجر وعودة الشروق ولو بعد حين!!
……….,……..
قادة